ماذا تعرف عن النمل النيجيري الأسود؟
يعد نمل الحدائق الأسود المعروف بـالنمل النيجري الأكثر شيوعاً في بريطانيا وأوروبا، وهي أحد الأنواع التي يتراوح عددها من 12,000 إلى 20,000 نوع من النمل، وهي كائنات مذهلة على الرغم من كونها آفاتٍ للمزارعين.
تجد هذه الكائنات السوداء الصغيرة عديمة الأجنحة على الأرصفة، تزحف على النباتات وتسبب الآفات، أو تلتقط فتات الطعام من مطبخك. أما النمل الطائر، فمن الممكن ظهوره في مواسم الصيف، حيث تعد هذه الأنواع هي الأقارب المنتجين للنمل غير الطائر. إليك كذلك بعض المعلومات المدهشة عن النمل.
معظم النمل الذي تراه من الإناث
يملك النمل هيكلية تنظيمية دقيقة، حيث تقسم الوظائف بين أفراد النمل. تبدأ المستعمرة بملكة النمل التي تنشيء المستعمرة، ثم يحين دورها في وضع البيض. أما الفئة العاملة من الإناث، فهن المسئولات عن انسجام وسير العمل في المستعمرة.
تتنوع مهام هذه الإناث بين الاهتمام بالملكة والصغار، والبحث عن المؤن، وحل النزاعات بين أفراد المستعمرة والتخلص من النفايات. وعلى الأرجح لن يكون للعاملات ذرياتهن الخاصة أبداً، كما أنهن يشكلن الغالبية العظمى من البيض بعد فقسه وتطوره، لكن حالما تصبح المستعمرة جاهزة، تبدأ الملكة بإنتاج جيل جديد يستقل عن مستعمرته الأم، ويبني مستعمرته خاصته.
وبالحديث عن إناث النمل فإن قدرهن بأن يصبحن ملكاتٍ أو عاملاتٍ متعلق بغذائهن لا بالعامل الوراثي، في الواقع أي يرقة نمل أنثى يمكنها أن تصبح ملكة، لكن سيكون غذاؤها غني بالبروتين بشكلٍ كبير، بينما اليرقات الأخريات يحظين بالغذاء ذي البروتين الأقل، ما يسبب تطورهن إلى عاملات.
ذكور النمل أشبه بنطاف متحرك
على عكس البشر الذي يتحدد جنسهم بالكروموسوم X,Y، يتحدد جنس النمل من خلال عدد نُسخ الجينوم الذي يمتلكه. فذكور النمل تتطور من البيوض غير الملقحة، وبالتالي ليس لديها أي مورثات من الأب، ما يعني أن ذكور النمل ليس لديها آباء ولا يمكن أن يكون لديها أبناء، لكن لديها أجداد، ويمكن أن تملك أحفاد. على الصعيد الآخر، تتطور إناث النمل من البيض الملقح، ولديها نسختيّ جينوم من كل من الأب والأم.
يعمل ذكر النمل كما لو أنه «نُطاف طائر»، بامتلاكه لنسخة واحدة من المورثات. يعني أن كل واحدة من النطاف تحمل الحمض النووي المتطابق وراثياً بين بعضهم، وبالتالي ستكون مهمة الذكور الوحيدة هي التلقيح ومن ثم موت هذه الكائنات بعد العمل على الرغم من قدرة النطاف على البقاء فعالاً لفترة طويلة قد تصل لسنوات. بمعنى مختصر؛ مهمة ذكور النمل تتلخص بالتلقيح.
تمتنع الملكات عن الطعام بعد التزاوج
عندما تصبح الظروف المحيطة مناسبة من رطوبة وحرارة، تنتقل الملكة العذراء ذات الأجنحة مع الذكور لتغادر أعشاشها في رحلة البحث عن شركاء. يعرف هذا السلوك بـ «يوم طيران النمل». يحدث الالتقاء على الجوانح (وغالباً على ارتفاع مئات الأمتار)، لذلك يجب أن يكون الطقس جيداً. بعد ذلك تهبط الملكة إلى الأرض وتتلاشى أجنحتها، بينما تموت الذكور على الفور. تقوم الملكة الملقحة بعد ذلك بالبحث على موقع مناسب للعش، ثم تقوم بدفن نفسها في التراب الرطب.
تمتنع الملكات تحت التراب عن الطعام لأسابيع حتى تنتج العاملات الجديدات. في الحقيقة تحصل الملكة على الطاقة من الدهون المخزنة، بالإضافة إلى عضلات الطيران الزائدة حتى تستطيع وضع أول فوج من البيوض الذي سيلقح بواسطة النطاف المخزن من رحلة التزاوج السابقة. هذا النطاف هو المخزون الكامل خلال حياة الملكة المستخدم في تلقيح البيوض، حيث أن الملكات لا تتزاوجن مرة أخرى في حياتهن أبداً.
التعاون والمهمات والعبودية
في بعض الأحيان قد تتعاون ملكتين في إيجاد عش، حيث يعد هذا التعاون الأولي نقطة قوة، ويزيد من فرص النجاة وتأسيس مستعمرة، لكن سرعان ما يتفكك هذا التعاون عندما تبدأ العاملات بالنضوج. عندها تبدأ الملكتين بالقتال حتى الموت. ومن الأمور الغريبة هي قيام النمل النيجيري بسرقة البيوض من مستعمرات أخرى مجاورة، وجعلهم عبيداً يعملون لديهم.
هذا التصرف من تسخير العبودية قد تطور لدى مجموعة من أصناف النمل، لكن يظهرون مراحل متقدمة من التعاون فيما بينهم. وكمثالٍ غريبٍ على ذلك، المستعمرة العظيمة للنمل الأرجنتيني «Linepithema humile» الذي يمتد على مساحة 3700 ميل (5954.57 كم) من إيطاليا إلى جنوب غرب إسبانيا، حيث تتألف من مليارات العاملات في ملايين الأعشاش المتعاونة فيما بينها.
تعيش الملكات لعقود وتموت الذكور بعد أسبوع
بعد تأسيس الملكة لمستعمرتها، سيقابلها سنوات طويلة من وضع البيوض، حيث سجلت ملكات النمل النيجيري عمراً بلغ الثلاثين عاماً في المختبرات، بينما العاملات يعشن لحوالي سنة تقريباً، والذكور لا تتجاوز مدة بقائهم أسبوعاً على الرغم من أن نطافهم يبقى لفتراتٍ أطول. هذا الاختلاف الكبير في أعمارهم ينتج بسبب آلية عمل جيناتهم.
يمكن للنمل مساعدة البشرية والبيئة
للنمل تأثير كبير على النظام البيئي حول العالم، حيث تتنوع أدواره بحيث يكون بعضها آفات ضارة، والبعض الآخر يعمل كعملاء تحكم بيولوجي (حيوي). تكمن فائدة النمل بقيامه بنشر البذور، وتلقيح النباتات، وتحسين جودة التراب، كما يساهم النمل في صحة الإنسان حيث يعد مصدراً محتملاً لبعض الأدوية المستقبلية مثل المضادات الحيوية.
في المرات القادمة وقبل أن تقوم برش المبيد الحشري على عش نمل، أو دعس نملة في طريقك، فكر قليلاً كم هو مدهش هذا الكائن الصغير، والذي قد يكون سبيلنا للنجاة مستقبلاً بصورة ما.
تم نشر هذا المقال على موقع ذا كونفرسيشن بواسطة تشارلي ديورانت، ماكس جون، وروب هاموند
إرسال تعليق