
هذا المحتوى مترجم باختصار من Scientific American، العنوان الأصلي للمقال هو: The Reluctant Father of Black Holes، بتاريخ: 1 أبريل 2007
في عام ١٩٣٩ نشر ألبرت أينشتاين ورقة علمية
في مجلة Annals of Mathematics بعنوان: On a Stationary System with
Spherical Symmetry Consisting of Many Gravitating Masses بخصوص الأنظمة
الساكنة المتماثلة كرويًا والتي تتكون من عدة كتل جاذبة.
حاول أينشتاين بتلك الورقة أن يثبت أن
الثقوب السوداء (وهي الأجسام السماوية الكثيفة جدًا لدرجة أن الضوء لا يهرب
من جاذبيتها) هي أشياء مستحيلة الوجود.
والغريب أن أينشتاين كي يثبت وجهة نظره،
استخدم نظريتة هو الخاصة بالجاذبية (والتي نشرها عام ١٩١٦)، وهي النظرية
التي تستخدم الآن في إثبات أن الثقوب السوداء ليست فقط محتملة الوجود، بل
تقول أن وجودها أمرًا حتميًا!

جزء من ورقة أينشتاين
بعد إنكار أينشتاين للثقوب السوداء بشهور
فقط، نشر العالم الشهير روبرت أوبنهايمر ( وتلميذه هارتلاند سنيدر Robert
Oppenheimer and Hartland S. Snyder) ورقة علمية وعنوانها: عن استمرار
الانكماش الجذبي On Continued Gravitational Contraction.
والتي استخدمت فيها معادلات أينشتاين في النسبية، لإظهار كيفية تكون الثقوب السوداء، لأوّل مرة في سياق الفيزياء الحديثة.
ربما يكون من الأكثر غرابة أن دراسة الثقوب
السوداء حديثًا، وبوجه عام النجوم المنهارة، يبنى على فرع آخر من تراث
أينشتاين، وهو اختراعه “ميكانيكا الكوانتم الإحصائية” Quantum-statistical
mechanics.والتي اخترعها أينشتاين بعد خطاب ملهم من طالب هندي غير معروف
آنذاك اسمه ساتندرا نايث بوز Satyendra Nath Bose.

ورقة أوبنهايمر وسنيدر
قبل بداية القرن العشرين، تعرّف العلماء
على نوع غريب من النجوم، وهو صغير وباهت، وهي الأقزام البيضاء White
Dawrfs، منهم نجم يرافق النجم سيريوس Sirus (وهو النجم الألمع في السماء)
وله كتلة تماثل الشمس، ولكنه يشع فقط 1/360 من قدر إضاءة الشمس.
ومن كتلتها وحجمها، لابد أن تكون الأقزام البيضاء كثيفة جدًا، فالنجم المرافق لسيريوس تبلغ كثافته قدر كثافة الماء حوالي 61000 مرة.
وهنا يدخل آرثر إدنجتون، العالم الذي أثبت
صحة نظرية النسبية العامة عام 1919، فقال إن الضغط الجذبوي الكبير في قلب
تلك النجوم ربما يزيل البروتونات من الإلكترونات، وبالتالي تفقد الذرات
تماسكها، وتُضغط معًا في حزمة كثيفة، وفي النهاية ستتوقف الذرات عن
الانضغاط مع بعضها، وتبتعد الإلكترونات عن بعضها.
خطوة أخرى لفهم الأقزام البيضاء جاءت على
يد عالم اسمه “سابرامانين تشاندراسخار” Subrahmanyan Chandrasekhar والذي
بدأ عمله بسؤال: هل هناك حد أعلى لكتلة القزم الأبيض قبل أن ينهار على نفسه
تحت تأثير جاذبيته؟
وباستخدام ميكانيكا الكوانتم الإحصائية وجد
أن أي قزم أبيض له كتلة أكبر من كتلة الشمس ب 1.4 مرة لا يمكن أن يكون
مستقرًا ويسمى هذا الرقم بـ “حد تشاندراسخار” Chandrasekhar Limit.
وفي سياق متصل بالنجوم، وفي عام 1916، وجد
عالم ألماني اسمه “كارل شوارزشيلد” Karl Schwarzschild شيئًا غريبًا، وهو
أنه على بعد مسافة ما من قلب النجم الرياضيات يصيبها الجنون! فعند هذه
المسافة التي تسمى الآن “نصف قطر شوارزشيلد” Schwarzschild Radius يختفي
الزمن ويصبح الفضاء لا نهائي. وقطر شوارزشيلد في العادة أقل من قطر الشيء
نفسه، فهو بالنسبة للشمس مثلا يساوي ثلاثة كيلومترا، وبالفعل وضع نموذجا
لنجم ينضغط على نفسه ليصل إلى نصف قطر شوارزشيلد، لكنه لم ير لذلك أهمية
عملية.
وفي عام 1939 نشر أينشتين ورقته التي قال
فيها باستحالة تكون تلك النجوم التي يصل قطرها إلى قطر شوارزشيلد، ليستخدم
بعد ذلك أوبنهايمر و هارتلاند سنيدر معادلات النسبية العامة لإثبات إمكان
تكون الثقوب السوداء.