سرطان
المعدة هو أحد السرطانات الغير المنتشرة في العالم، لكن تزيد نسبة انتشاره
في الشرق وخاصةً في دول اليابان وكوريا والصين. رغم ذلك فانه أحد أنواع
السرطان الخطيرة جداً، مما يجعل سرطان المعدة السبب الثاني للوفاة (بعد
سرطان الرئة) نتيجةً لأمراض السرطان عالمياً. عوامل عديدة قد تؤدي لسرطان
المعدة وأبرزها عوامل التغذية، كما التدخين والكحول. بعض الحالات من سرطان
المعدة هي نتيجة لعدوى الجرثومة الملوية البابية. قد يظهر سرطان المعدة في
جميع أجزاء المعدة، وقد ينتشر الى أعضاء أخرى في الجسم كالكبد، العظام أو
أعضاء الجهاز الهضمي. يؤدي سرطان المعدة لأعراض عديدة أبرزها ألم البطن
والقيء، ولديه علامات عديدة. يُعالج سرطان المعدة بالمعالجة الجراحية
اضافةً الى العلاج الكيميائي، أو بالأشعة. تتعلق فرص الحياة بدرجة سرطان
المعدة ومدى تقدمه وانتشاره، ويختلف العلاج بناءً على ذلك أيضاً.
كثيراً ما
لا يمكن الشفاء من سرطان المعدة ويتعلق الأمر بمرحلة تشخيصه، فتزيد فرص
الشفاء وفرص الحياة اذا ما كان في مرحلة مبكرة. لذا فان علاج أغلب حالات
سرطان المعدة هدفها تلطيف الأعراض والمضاعفات.
تختلف
نسبة انتشار سرطان المعدة وفقاً للعرق والمنطقة الجغرافية. حيث أن سرطان
المعدة منتشر في الشرق الأقصى أكثر من أي مكان اخر في العالم، خاصةً في دول
اليابان، الصين وكوريا. وعلى ما يبدو فان الأمر يرتبط بالتغذية التي
يتناولها سكان هذه البلاد والتي تحوي الكثير من الملح. بينما تقل نسبة
انتشار سرطان المعدة في الغرب، لكن سرطان المعدة منتشر أكثر لدى سود البشرة
من بيض البشرة. تُقدر نسبة حدوث سرطان المعدة في الغرب بحوالي 5-6 أشخاص
من كل 100000 شخص.
تزداد
نسبة حدوث سرطان المعدة مع التقدم في الجيل، ونادراً ما يظهر قبل سن
الخمسين. كما أنه يُصيب الرجال أكثر من النساء، ويُصيب الأشخاص الفقراء ذوي
الحالة المادية الصعبة.
أشارت الاحصائيات الى أن حالات سرطان المعدة قلت في العقود الأخيرة بشكل ملحوظ.
هناك
عوامل عديدة تزيد من احتمال الاصابة بسرطان المعدة. وغالباً ما تؤدي
العوامل الى التهاب مزمن في الغشاء المخاطي للمعدة مما يُحدث تغييرات
سرطانية في خلايا الغشاء المخاطي. أبرز هذه العوامل هي:
- التغذية: على ما يبدو فان للتغذية أهمية كبيرة في حال سرطان المعدة. تناول الطعام المُملح والمُدخن هما العاملين الأساسيين. كما أن تناول المعلبات والنشويات بكثرة تزيد من خطورة الاصابة بسرطان المعدة. عوامل أخرى في التغذية هي:
- شرب المياه غير النظيفة.
- عدم تخزين الطعام في التبريد.
- عدم تناول الفواكه والخضار والألياف، الدهنيات والبروتينات.
- التدخين يزيد من احتمال الاصابة بسرطان المعدة.
- تناول المشروبات الكحولية بكثرة يزيد من احتمال الاصابة بسرطان المعدة.
- الجنس: كما ذكر فان سرطان المعدة يُصيب الرجال أكثر من النساء.
- عدوى الجرثومة الملوية البابية: ترتبط ببعض حالات سرطان المعدة اذ أنها تؤدي لالتهاب مزمن ولذا لسرطان المعدة بعد عقود.
- القرحة المعدية: فقط 1% من حالات قرحة المعدة تتحول لسرطان المعدة.
- عدم وجود بيئة حمضية في المعدة: ويؤدي الأمر الى انتشار بعض أنواع الجراثيم التي تنتج مواد ضارة تؤدي لسرطان المعدة. تنعدم البيئة الحمضية في عدة حالات:
- فقر الدم الوبيل (Pernicious Anemia).
- التهاب المعدة الضموري (Atrophic Gastritis).
- استئصال المعدة الجزئي في السابق.
ينشأ
سرطان المعدة من الغشاء المخاطي، وتحديداً من الغدد الموجودة في الغشاء
المخاطي. ويمكن أن ينحصر في الغشاء المخاطي، أو يخترق جدار المعدة ليصل
للطبقة تحت المخاطية أو طبقة العضلات. عندها تزداد درجته ويزداد احتمال
انتشاره لأعضاء أخرى، كما تقل احتمالات الشفاء.
قد يتواجد الورم في جميع أنحاء المعدة، الا أن الغار (Antrum) في نهاية المعدة، هو المكان الأكثر عرضة للاصابة.
يتخذ سرطان المعدة عدة أشكال، حيث يمكن أن يكون كقرحة، أو يتناثر في الغشاء المخاطي وجدار المعدة، أو كسلائل صغيرة (Polyps) أي أجسام صغيرة كروية تبرز من باطن المعدة للجوف.
في
البداية، قد يكون سرطان المعدة عديم الأعراض أو أن أعراضه تُشبه داء القرحة
الهضمية، مما يعوق تشخيصه. لذا كثيراً ما تتبين حالات داء القرحة الهضمية
المستعصية كحالات سرطان معدة. قد تظهر الأعراض والعلامات التالية:
- ألم البطن: يكون الألم في رأس البطن، ويشبه ألم داء القرحة الهضمية، الا أنه لا يتغير مع الأكل، ويكون الألم مزمناً.
- الغثيان.
- القيء.
- فقدان الوزن.
- فقدان الشهية.
- عسر البلع: اذا ما كان الورم قريباً للمريء.
- الشعور المبكر بالشبع.
- انسداد مخرج المعدة: ويحدث اذا ما تواجد الورم في مخرج المعدة. ويسبب أعراض كألم البطن، القيء المتكرر، انتفاخ البطن، فقدان الوزن، الشبع المبكر.
- قيء الدم: وقد يؤدي لفقدان الكثير من الدم، أو لفقر الدم اذا ما كان القيء مزمناً.
- انتفاخ العقد اللمفوية: وذلك نتيجة لانتشار سرطان المعدة للعقد اللمفوية. غالباً ما ينتقل للعقد فوق عظمة الترقوة (العظمة التي فوق الصدر وتصله مع الذراع)، أو حول السرة، أو تحت الأبط.
- وجود كتلة في أعلى البطن: وغالباً ما يكتشف الطبيب الأمر خلال الفحص الجسدي.
سرطان المعدة هو من الأورام الخبيثة التي تنتشر وتنتقل لأعضاء أخرى. لذا يمكن أن ينتشر ويسبب أعراض عديدة:
- العقد اللمفوية: ينتشر للعقد اللمفوية ويسبب انتفاخها، وتكون قاسية ولا يمكن تحريكها من مكانها. يمكن أن تُصاب العقد اللمفوية حول المعدة أو في الجهاز الهضمي، أو العقد تحت الجلد كتلك المذكورة أعلاه.
- أعضاء الجهاز الهضمي: قد ينتشر سرطان المعدة الى أعضاء الجهاز الهضمي الموجودة حول المعدة، وتشمل القولون، البنكرياس، المريء والطحال. عندها تتعلق الأعراض بمكان وجوده.
- الكبد: عند انتشار سرطان المعدة للكبد فانه يؤدي لأعراض تتعلق بالكبد، كألم البطن الأيمن العلوي، تضخم الكبد، الاستسقاء، اليرقان وأخرى.
- المبيض لدى النساء.
- العظام: اذا ما انتشر سرطان المعدة للعظام فان يؤدي لألم مزمن في العظام وربما لكسور.
- الرئتين: مما يؤدي للسعال، ضيق النفس وأعراض اخرى.
- الدماغ: وعندها يؤدي لأعراض عصبية، كألم الرأس، عدم وضوح الرؤية، الارتباك، النوبات الدماغية، ضعف العضلات، وأخرى عديدة.
غالباً ما ينتشر سرطان المعدة للعقد اللمفوية، الكبد وأعضاء الجهاز الهضمي، وفي حالات قليلة للعظام والدماغ.
اذا ما
كنت تُعاني من أعراض مزمنة تُشبه أعراض سرطان المعدة عليك التوجه للطبيب.
تكمن صعوبة تشخيص سرطان المعدة بأن الأعراض تظهر في المراحل المتقدمة من
المرض، ويكون عندها قد انتشر ولا يمكن استئصاله بالجراحة.
يبدأ
الطبيب التشخيص من خلال التاريخ المرضي، ومن ثم يجري الفحص الجسدي لتشخيص
علامات سرطان المعدة كانتفاخ العقد اللمفوية. غالباً ما يحول الطبيب المريض
الى المستشفى لكي يمر باختبارات مهمة لتشخيص سرطان المعدة وانتشاره.
أهم الاختبارات المستخدمة هي:
- تعداد الدم الكامل (CBC- Complete Blood Count): والهدف من اختبار الدم هو اكتشاف فقر الدم اذا وجد.
- اختبار انزيمات الكبد: وقد تكون الانزيمات مرتفعة اذا ما انتشر الورم للكبد.
- تنظير الجهاز الهضمي العلوي (Endoscopy): اختبار يتم خلاله ادخال أنبوب طويل ومرن، الى الجهاز الهضمي مروراً بالمريء، المعدة ووصولاً للاثني عشر. يكون الانبوب مصحوب بكاميرا ليتمكن الطبيب من مشاهدة داخل الأعضاء. لا يؤلم هذا الاختبار، وخلاله يمكن تشخيص سرطان المعدة، مكانه واستخراج عينة يتم فحصها في المجهر لملاحظة التغييرات المميزة للورم، تحديد نوعه، تحديد مدى اختراقه لجدار المعدة. من المهم جداً استخراج العينة ولا يمكن تشخيص سرطان المعدة دون عينة. يُعتبر تنظير الجهاز الهضمي العلوي أكثر الاختبارات نوعيةً لتشخيص سرطان المعدة.
- التصوير الشعاعي المزدوج التباين (Double Contrast Radiography): قبل البدء بالفحص يشرب المريض مادة الباريوم، والتي تتباين كبيضاء عند التصوير الاشعاعي. ثم يتم التصوير الاشعاعي للمعدة، مما يؤدي لتباين الباريوم في باطن المعدة، واثر ذلك يمكن ملاحظة أية تغييرات في باطن المعدة كالورم. مع وجود تنظير الجهاز الهضمي العلوي، فان هذا الاختبار قليلاً ما يُستخدم، الا لاكتشاف حالات السرطان التي يكون فيها الورم متناثراً في جدار المعدة.
- التصوير بالأشعة السينية للصدر (CXR- Chest X-Ray): والهدف منه اكتشاف انتشار سرطان المعدة للرئتين.
- التصوير الطبقي المحوسب (CT- Computerized Tomography): والهدف منه اكتشاف انتشار سرطان المعدة في الأعضاء المختلفة. يمكن تصوير قسم معين من الجسم كالدماغ فقط، أو تصوير الجسم من الرأس وحتى الحوض.
يمكن تصنيف مراحل سرطان المعدة وفقاً لعدة معايير:
- عمق الورم في جدار المعدة.
- انتشار الورم للعقد اللمفوية.
- انتشار الورم لأعضاء الجسم.
حسب هذه
المعايير فان لسرطان المعدة توجد أربعة درجات مختلفة. والهدف من التصنيف
مراحل هو ليس فقط تحديد الدرجة، انما تحديد العلاج. حيث أن علاج سرطان
المعدة يتغير وفقاً لدرجته، وكلما ارتفعت الدرجة كانت فرص الحياة أقل.
ان أغلب
حالات سرطان المعدة تُكتشف في المراحل المتقدمة حيث لا يمكن الشفاء من
سرطان المعدة. لذا فانه يُسبب الوفاة في أغلب الحالات. رغم ذلك توجد عدة
امكانيات للعلاج، وتزداد احتمالات نجاح العلاجات وشفاء سرطان المعدة كلما
تم تشخيصه في المراحل المبكرة. عدا عن ذلك فان هدف العلاج المتوفر هو تلطيف
الأعراض والمضاعفات، وتوفير حياة جيدة للمرضى.
امكانيات العلاج المتوفرة هي:
- المعالجة الجراحية: وتكون لاستئصال جزئي أو كلي للمعدة.
- العلاج بالأشعة.
- العلاج الكيميائي.
- علاج مشترك بالامكانيات أعلاه.
المعالجة الجراحية لسرطان المعدة
المعالجة الجراحية هي الأكثر
استخداماً وهدفها استئصال الورم، والأنسجة المحيطة له لضمان عدم عودته مرة
أخرى. يمكن اجراء نوعين من المعالجة الجراحية:
- استئصال كلي للمعدة: ويُجرى اذا ما كان الورم في بداية المعدة.
- استئصال جزئي للمعدة: أي استئصال الجزء النهائي من المعدة، وتُجرى اذا ما كان الورم في نهاية المعدة.
كما أن الجراح قد يستأصل العقد
اللمفوية المحيطة بالمعدة أو أعضاء محيطة بالمعدة أو أجزاء منها،
كالبنكرياس والقولون. ويتم تحديد الأمر وفقاً لانتشار الورم للأعضاء.
رغم أن الاستئصال ليس ممكناً في جميع الحالات، الا أنه يقلل من الأعراض ويزيد من احتمال نجاح العلاجات الأخرى.
لا تُجرى العمليات الجراحية اذا ما كان الورم في مراحل متقدمة جداً وانتشر للأعضاء.
العلاج بالأشعة
رغم أن سرطان المعدة يُعتبر من
الحالات المقاومة للأشعة، والعلاج بالأشعة لا يُغير من طبيعة سرطان المعدة
أو من سيره الا أن العلاج بالأشعة يُستخدم لتلطيف الألم. من المفضل
استخدامها بعد الجراحة.
العلاج الكيميائي
نصف حالات سرطان المعدة تستجيب
للعلاج الكيميائي. ويمكن القول أنه لا يؤثر الا قليلاً على سير سرطان
المعدة. أهم الأدوية المستخدمة للعلاج الكيميائي هي:
- Cisplatin.
- 5-FU.
- Irrinotican.
طبعاً لهذه الأدوية أعراض جانبية عديدة. من المفضل استخدام العلاج الكيميائي بعد المعالجة الجراحية وذلك لتحسين النتيجة.
العلاج المشترك
أثبتت الدراسات أن العلاج
المشترك بامكانيات العلاج هو أفضل علاج يمكن تقديمه لمرضى سرطان المعدة.
حيث أن العلاج المشترك يكون بالعلاج الكيميائي والعلاج بالأشعة وذلك بعد
اجراء العملية الجراحية. في هذه الحالة، فان نسبة نجاح العلاجات تكون أعلى
من العلاج بامكانية واحدة فقط.
في حال
سرطان المعدة، فقط 10-20% من المرضى يبقون على قيد الحياة بعد مرور خمسة
سنين من التشخيص. باجراء العملية الجراحية، فان هذه النسبة ترتفع لتكون
25-50% من المرضى. رغم ذلك فان أغلب حالات سرطان المعدة تعود لتظهر مرة
أخرى حتى بعد العلاج، لذا على الطبيب والمريض الحفاظ على متابعة المرض وذلك
باجراء الاختبارات بشكل منتظم.
اللمفومة
المعدية الأولية هي ورم لمفاوي أولي يظهر في المعدة. تُشير الاحصائيات الى
أن اللمفومة المعدية الأولية انتشرت خلال الثلاثين سنة الأخيرة. تُشكل
اللمفومة المعدية الأولية 15% من أورام المعدة.
اللمفومة هي ورم للخلايا اللمفاوية، وهي خلايا الجهاز المناعي. بشكل عام يوجد نوعين من الخلايا اللمفاوية، خلايا بي (B Cells)، وخلايا تي (T Cells).
ويكون الورم اللمفاوي عندما تتكاثر هذه الخلايا. غالباً تتواجد هذه
الخلايا في الغدد والعقد اللمفاوية، ولذلك غالباً ما تكون اللمفومة في هذه
الأعضاء، الا أن الخلايا قد تتواجد خارج العقد اللمفاوية ومثال على ذلك
المعدة، وعندها يمكن أن تتواجد اللمفومة خارج العقد اللمفاوية في المعدة.
من المهم الاشارة الى أن اللمفمومة خارج العقد اللمفاوية ومثال على ذلك
المعدة الأولية في المعدة هي أولية وليست انتشار للمفومة من العقد
اللمفاوية.
تؤدي اللمفومة المعدية الأولية الى
أعراض مشابهة لتلك التي تكون في حال سرطان المعدة. كما أنه تُشبه سرطان
المعدة عند التصوير، والامكانية الوحيدة لتشخيص اللمفومة المعدية الأولية
هي بواسطة استخراج عينة منها.
هناك نوعين من اللمفومة المعدية الأولية:
- اللمفومة اللاهودجكينية :غالباً ما تكون اللمفومة المعدية الأولية مكونة من خلايا بي (B Cells)، ومن نوع اللمفومة اللاهودجكينية (NHL- Non Hodgkin Lymphoma).
- MALT : بعض حالات اللمفومة المعدية الأولية هي من نوع MALT وهذا النوع سببه عدوى الجرثومة الملوية البابية.
علاج اللمفومة المعدية الأولية
اذا كانت اللمفومة المعدية الأولية من نوع MALT فان العلاج يبدأ بعلاج عدوى الجرثومة الملوية البابية
بالمضادات الحيوية. يؤدي الأمر الى شفاء 75% من حالات اللمفومة المعدية
الأولية من نوع MALT. أما اذا كانت مستعصية للعلاج، فان العلاج يكون كعلاج اللمفومة اللاهودجكينية.
عند علاج اللمفومة اللاهودجكينية، فان العلاج هو العلاج الكيميائي بعدة أدوية، ويُختصر العلاج ب R-CHOP. وحالات مُعينة أخرى بحاجة لاستئصال جزئي للمعدة.
ان توقعات سير اللمفومة المعدية الأولية أفضل من توقعات سير سرطان المعدة، ويمكن شفاء حالات كثيرة من اللمفومة المعدية الأولية.
إرسال تعليق